[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

الخرافات وسر ولع الناس بها
الإنسان بغض النظر عن جنسه وعرقه وأصله وفصله ومكانه على الأرض يؤمن بما
وراء الطبيعة ( الميتافزيقا ) من قوى خارقة غيبية لها انعكاسات ومؤشرات على
حياته ، ويتفاوت هذا الإيمان بها من شعب لشعب ومن إنسان لإنسان ، وذلك
لأنها من الموروثات الفكرية لأجيال سابقة ، تناقلتها جيلاً بعد جيل ، ولا
يستطيع أي جيل إنكارها والعمل على إلغاءها ، ذلك لأنه ملزم أدبياً
وأخلاقياً ليكرر ما قاله بني قومه وأجداده الأوائل عنها حتى لو لم يعترف
بها .
هذا يقودنا الى القول كتحصيل حاصل ، أن الخرافات والشعوذات وقضايا السحر
ستبقى منتشرة في عالمنا المترامي الأطراف وليس أدل على ذلك و كما ورد في
أحد التقارير أن العالم ينفق عشرات المليارات من الدولارات سنوياً على هذه
القضايا بينما العالم العربي ينفق من 5—7 مليار دولار سنوياً ، وذلك لفك
السحر وجلب المحبة وايقاع الضرر بين الناس ، ولعمل الحظوة ولدفع الأذى ،
وحب السيطرة ونزعة الشر ، وجلب المال والجاه ، والنجاح في العمل والحياة .
مثلما يشهد هذا العصر طفرة في مجال التقدم العلمي والتكنولوجي فإنه يشهد
في الوقت ذاته عودة للخرافات والخزعبلات والشعوذة والسحر والدجل وأسرار
ما وراء الطبيعة.العصر اليوم هو عصر العلم والمعرفة والتكنولوجيا ، فالعالم
تغير والعصر اختلف ونحن العرب خاصة ما زلنا نؤمن بهذه الخرافات والخزعبلات
والسحر والشعوذة وبسببها تخلفنا عن ركب الحضارة بمئات السنين وأصبحنا عالة
على غيرنا بل علة العلل لزماننا هذا وربما لأزمان قادمة . وليت السحرة
والمشعوذين الدجالين يسحرون لنا أعدائنا قادة اسرائيل واميركا ليبعدوا
شرورهم عنا فنخلص من أذاهم وننعم بالحرية والأمن والأمان ونعيش بسلام وأمن
ووئام.

الخرافات تحتل الرأس العربي بكباره وشبابه ونسائه اذ لا يوجد عربي الا وبعض
الخرافات مختزنة في عقله ورثها كما يرث المال والعقار، ولا يستطيع احد ان
ينزعها من عقله فقد عشعشت في دماغه وباتت عقيدة ومبدأ من الصعوبة بمكان أن
تغادره، وكل ايديولوجية لها أوراقها الخرافية التي يلعب بها الكبار للحفاظ
علي الرعية من الانفلات ومن ثم الاستقلال. كانتونات عصابية، تقوم علي
التعصيب، وكل قطيع لهم راع يحافظ علي التماسك الداخلي عبر مخدرات الأوهام،
ومورفين النصر للحفاظ علي الكيان المأخود نحو الوهم والضياع والخراب.
سر ولع الناس بالخرافات و أسرار ما وراء الطبيعة هو رغبتهم في معرفة
أقدارهم سواء كانت جيدة أو سيئة وممن يأخذونها ؟ من الجهلة وسقطة الناس
وطلاب الشهرة والجاه والمال أصحاب الحيل والشطارة في الضحك على ذقون الناس
وابتزاز أموالهم فهم لا ضمائر لهم ولا أخلاق ، وهم أبعد عن الناس عن معرفة
الله والخوف منه .هؤلأ الذين يتسمون بالشيوخ وبتشحون السواد في أفكارهم
وخزعبلاتهم وملابسهم ، وتارة الملابس الخضراء والعصابات المشدودة على
جباههم التي لا تعرف السجود لله ، وانما لشياطينهم من الإنس والجان .

ومثلما يتابع الناس باهتمام أحدث التطورات في مجال التكنولوجيا فإنهم
مهتمين كذلك بمعرفة متى يوافق الثالث عشر يوم الجمعة أم السبت ويشعرون
بالراحة لمعرفة أن هذا اليوم سيقع في شهر أيلول السعيد هذا العام. فحياتك
قد تتغير للافضل إذا مرت من أمامك قطة بيضاء أو حمراء وقد يتحول الامر إلى
النقيض إذا ما رأيت قطة سوداء ، أو كلب أسود ، أو مر ثعلب أمامك فإنه
يعتبر فأل خير أو تفسير طنين الأذن بأن احدا ذكرك أو حكة في باطن الرجل أو
القدم أو رفة الجفن ، وضرب الحظ أو البخت أو الرمل او سماع صوت البوم او
سماع هديل الحمام او وجود السلحفاة في البيت أو رؤية نيزك تجلب الطالع
الحسن الخ ........

"سوق الخرافة مكتظ بالزبائن في هذه الايام .. والبضاعة المعروضة هي بضاعة
فاسدة في طرد خادع".. "عندما يمر الناس بأوقات صعبة يلجأون عادة إلى كل ما
هو روحاني".

إن السر في انجذاب الناس إلى الخرافات هي كونها أفكار تتجاوز نطاق العلم الذي أصبح المكون الرئيسي للحياة اليومية.

وأقوى دليل على ذلك هو المساحة التي يخصصها التلفزيون والمحطات الفضائية
لقارئي الفنجان وغيرهم من العرافين إلى جانب شعبية الابراج في الصحف
المحلية والشعوذة والسحر.

ويعتقد البعض أن لا ضرر كبير من الخرافات حيث أنها تمثل دعامة لكثير من الناس فهي "تمنحهم القوة والراحة والطمأنينة .

وفي الوقت الذي يلجأ فيه الاشخاص المتدينون إلى الشرع لكي يلبي احتياجاتهم
فإن المؤمنين بالخرافات يميلون إلى تحقيق إرادتهم باستخدام جميع الادوات
والممارسات.

"الخرافات هي استجابة للتحديات التي يواجهها الناس في الحياة لانها تعرض
على الناس حلولا معظمها في غاية البساطة"."إن الخرافات تعد المؤمنين بها
بقدرات خارقة للتغلب على ظروفهم أو الناس من حولهم".

الايمان بالخرافات قد يتحول إلى نوع من الادمان فعندما تفشل طريقة فإن
الاخرى لن تخيب وإذا فشلت الاخرى فسيلجأ الشخص إلى التي بعدها.

ومن ناحية أخرى فإن التجارب التي يرى الناس أنها تمثل طالعا سيئا قد تؤثر
بشكل كبير على حياتهم لدرجة قد تفقدهم السيطرة على حياتهم خاصة إذا كانوا
مفرطين في الحساسية.

لايستطيع احد ان ينكر وجود (الجن)، فقد ورد ذكره في القرآن الكريم ، فهذا
الكون مليء بالكائنات، وقد عرفنا القليل منها، ومازلنا نجهل الكثير. وكلمة
(الجن) في اللغة العربية نقيض (الإنس)، سمّوا بذلك لاستتارهم عن الناس،
والإنسي من الأشياء يعني كل ما هو مرئي ومعروف، والجني من الأشياء يعني كل
ما هو مجهول أو غامض. والحق أن النسبة النامية للنزعة الأسطورية وللخرافة
في تفكير الناس قديمًا هي التي جعلتهم يضخّمون بعض الأحداث، وينسبونها إلى
الجن، بل إن كثيرين استغلّوا الخوف من الجن بوعي لتحقيق أغراض مادية
ومعنوية.
فالذين يبحثون عن المال والجاه والشهرة، من بعض المرتزقة باسم الدين
ومعدومي الضمير، ما الذي يمنعهم من ادعائهم تسليط الخوف من الجن على رقاب
البسطاء من الناس؟! فالبسطاء يهرعون إليهم ويستنجدون بهم ليعصموهم من ذلك
العدو الغامض، فيجودون عليهم حينئذ ببعض التمائم والأكاذيب، ويسلبونهم
أموالهم تحت خطط مبرمجة معدة سلفاً .
نذكر هنا في هذا المجال روايتين إحداهما قديمة، والأخرى حديثة.
أما الأولى ذكرت في بعض كتب التاريخ،ومفادها أنه في عهد الدولة العباسية
انتشر الخبر أن ثمة جنيًا غريب الأطوار يظهر ليلاً في منطقة موحشة من بعض
الطرق الموصلة إلى (بغداد)، ويثير الذعر في قلوب المسافرين. فتحاشى الناس
المرور بتلك المنطقة ليلاً. وذات ليلة مرّ أحد المسافرين الشجعان بتلك
المنطقة، فظهر له ذلك الكائن الغريب، كان له شكل غير عادي، وكان يصدر
أصواتًا غريبة، ويقوم بحركات مريبة، لكن الرجل الشجاع تماسك، واستلّ سيفه،
وانقضّ على ذلك الكائن الغامض، وسرعان ما تراجع الكائن الغريب هاربًا،
وطارده الرجل، وأمسك به، وسرعان ما انكشفت الحقيقة.إن ذلك الجني لم يكن سوى
امرأة، ورجت الرجل ألا يقتلها، وذكرت أنها جارية لبني فلان، كانوا
يظلمونها، ففرّت إلى تلك البراري، ولجأت إلى ذلك الكهف القريب من ذلك
المكان، وراحت تتظاهر ليلاً بأنها جنية، وتقطع الطريق على المسافرين،
فيولّون فرارًا، فتأخذ بعض ما يتركونه وراءهم من متاع وأموال، وكانت تجمع
تلك الأشياء في الكهف تقتات عليه وتبيع الباقي نهاراً .
وأما حديثًا فجاء في كتاب موسوعة حلب لـ (خير الدين الأسدي) أنه كان في
حلب- خلال بدايات القرن العشرين- أحد القصور القديمة.. كان قصرًا فخمًا ومع
ذلك تحاشى الناس السكن فيه شراء أو استئجارًا؛ إذ شاع الخبر أنه مسكون
بالجن. وذات مرة تزوّج أحد شطّار حلب المعروفين بالرجولة ، وقرر أن يتخذ
بعض غرف ذلك القصر مسكنًا له ولعروسه، فحذّره الناس من الجن، لكنه لم يلتفت
إلى أقوالهم، فهو يعمل عتّالاً ولا يملك دارًا، وليس عنده من المال ما
يستأجر به دارًا مناسبة. وفي بعض الليالي خرج الزوج لبعض أموره، وبقيت
زوجته وحدها في الدار، وبعد حلول الظلام- ولم تكن حلب منارة بالكهرباء
حينذاك- إذا بها ترى من زجاج النافذة شبحين يظهران في فناء القصر، ويقومان
بحركات غريبة، ويصدران أصواتًا غامضة، فدبّ الذعر في قلب المرأة، وكادت
تموت رعبًا، ولم يبق عندها شك أن هذين الشبحين من الجن، ولما رجع الزوج،
ذكرت له الخبر، ورفضت البقاء في ذلك القصر، لكن الزوج طمأنها، وأكّد لها
أنه سيجد مخرجًا لهذه المشكلة، وعليها أن لا تقلق البتة .
وفي الليالي التاليات لزم الزوج الدار.. وفي منتصف الليل إذ بالشبحين
يظهران ثانية، ويقومان بما قاما به سابقًا، ويقتربان من النافذة والباب،
وسرعان ما انقضّ عليهما الزوج من خلف الباب، وأمسك بأحدهما، وإذا به يستغيث
قائلاًSad دخيلك ! لا تقتلني.. أنا فلان!)، وإذا هو أحد الشطّار أيضًا.
وسأله الزوج عن السر فيما يقوم به هو وصاحبه. فذكر أن أحد الأغنياء في
الحارة يريد شراء القصر بثمن زهيد، فأشاع الخبر أن القصر مسكون بالجن، وقد
استأجرهما ليظهرا ليلاً لكل من يشتري القصر أو يسكنه على أنهما من الجن،
فصدق الناس الإشاعة، ولم يجرؤ أحد على شراء القصر أو استئجاره.
وغير هاتين القصتين نجد أن الخيال لعب دورا مهما في رسم صور الجن والشياطين
والأشكال المختلفة التي رأيناها لهذه المخلوقات في الكتب واللوحات الفنية
وحتى في الأفلام السينمائية نجد العديد من الأفلام تعرضت لهذا العالم
الغامض ، أجل وبحق للخرافة حضور طاغٍ في آليات تفكيرنا، وكانت الأسطورة أحد
مداخلنا إلى فهم العالم من حولنا، وكان غياب الخرافات والأساطير من حياة
أبناء الريف حينذاك يعني دمار رؤيتهم الوجودية، وتركهم معلّقين في الفراغ.
اما الان فنحن بحاجة إلى مزيد من الوقت، وإلى كثير من الصراع مع المناخ
الثقافي السائد من ناحية، والصراع مع الذات من ناحية أخرى، للخروج من دائرة
الفكر الأسطوري، والأخذ بناصية العلم والمعرفة والتكنولوجيا وامتلاك رؤية
ممتنعة على الخوف من الكائنات الخرافية التي لا أساس لوجودها البتة،
والتعامل مع مكوّنات هذا العالم بقدر أكبر من العلم و الثقة والأمان
والواقعية لننشئ أجيالا وشعوبا لا تستمرئ الذل والهوان .وللحديث بقية .

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]