تباري مستريح
الجنس : الابراج : الأبراج الصينية : عدد المساهمات : 29 تقييم الراحة : 75 درجة الراحة : 2 تاريخ الميلاد : 19/10/1985 تاريخ التسجيل : 05/09/2011 العمر : 39 الموقع : كل الناس العمل/الترفيه : ممرضة المزاج : سلس تعاليق : كل الناس أحبتي ، أنا لاأكره أبدا .. تمرنت على الهدوء وأنا جد سعيدة
| | السمات المميزة للإنسانية: أكل التفاحة.. طلب الخلود.. | |
إحدى السمات المميزة للإنسانية أن الإنسان يستطيع التفكير في قدرته على العمل، بينما الكائنات الحية الأخرى تعمل وحسب. إنه- بعد سن الطفولة - كائن قادر على وعي ذاته. ولما كان كل فرد وجدانه الخاص، فكل إنسان كائن فريد، لا من حيث شكله وبنيته الجسدية وحسب، بل لأن فيه يجري تيار من الوعي مستمر ومتكامل لا يشاركه فيه كائن إنساني آخر.
وعي الذات إن قصة أكل التفاحة ترمز إلى اكتساب الإنسان قدرة على وعي الذات وفقد النعمة. وهذا الوعي يعرضه للإنجراف وراء منافعه الشخصية والقيام بأعمال قد يشجبها الآخرون فتبعث فيه الشعور بالذنب.
غير أن مما ينبثق أيضاً عن قدرة الإنسان على إدراك ذاته المبادئ الخلقية والشعور بالذنب ووخز الضمير، وهي ما تبدو الحيوانات الأخرى محرومة منها. الوجه الآخر لقصة التفاحة هو الإعتقاد بأن الإنسان كان بريئاً في ما مضى، غير قادر على الإجرام وخالياً من الدهاء والمكر.
إن قدرة الإنسان الفريدة على وعي ذاته ووعي علاقته بالعالم المحيط به، تلك القدرة التي تمكنه من معرفة محيطه والسيطرة عليه إلى حد لا تجاريه فيه الحيوانات الأخرى، إنما نجمت عن إدراكه لا لوجوده الفردي وحسب، بل أيضاً لكون هذا الوجود عابراً.
من هنا اهتمام الإنسان الفريد بماضيه الذي يدفعه إلى خلق الأساطير وكتابة التواريخ، وبمستقبله الذي يدفعه إلى إقامة أنصاب تذكارية يأمل بها تحدي الموت. كما أنه محمول على طلب الشهرة وإنجاب نسل يؤمّن استمرار سلالته ويحمل اسمه في المستقبل البعيد.
العزلة وإدراك الذات بما أن كل إنسان يملك وجداناً فريداً من نوعه، لا يشاركه فيه أي شخص آخر، فإن تحققه من أنه فرد ينطوي على الإدراك أيضاً بأنه يمكن أن يكون وحيداً. إذ حتى لو كان له رفقاء يشاركهم الآن اختباراته، فلقد تنشأ ظروف يصبح فيها وحيداً وفي عزلة كلما ازداد وعي فرد ما لفرديته الخاصة. ولكونه فريداً من نوعه، ازداد شعوره بأنه وحيد ومتروك لنفسه في العالم.
يشعر الكثيرون بأن إدراكهم لذواتهم لا يتضمن ذواتهم بكاملها، وإن ما يفعلونه توجهه أيضاً قوى أخرى غامضة. في بعض الأحيان تعتبر هذه القوى الأخرى موجودة داخل الإنسان، لكنها خارج متناول وجدانه.
وُصفت هذه القوى في الماضي بأنها أرواح أو شياطين. أما في لغة علم النفس المعاصر فينظر إليها كغرائز تدفع الفرد من الداخل، ولا يستطيع قط معرفتها أو ضبطها كلياً.
الإنسان من هذا المنطلق يشبه راكب فرس لا يملك إلا معرفة ناقصة بفرسه وسيطرة جزئية عليه. في بعض الأوقات يسير الراكب والفرس معاً بسلاسة، وأحياناً يفلح الفارس في حمل الفرس على السير في اتجاه لا يريده. لكن الفرس بدوره قد يجمح أحياناً براكبه. بتعبير آخر، نتصرف أحياناً بعفوية ونشعر بأننا منسجمون مع أنفسنا، وأحياناً نتمكن من السيطرة على أنفسنا بنجاح. وأحياناً أخرى نحمل على القيام بأشياء لا نرغب حقاً في القيام بها.
حيث يسود الإعتقاد أن هذه القوى الأخرى خارجة عن الذات، يعتبرها البعض بطريقة تجريدية، كأنها القدر أو الأبراج، بينما يعتبرها البعض الآخر كأنها آلهة تتدخل مباشرة في مصير الأفراد وتتحكم به. أما الطريقة العقلانية فتفضل اعتبار طبيعة الإنسان خاضعة لقوى تاريخية واجتماعية تفعل فيه من الخارج وتحدد أسلوب حياته. إن هذا التباين الشاسع في الرأي هو الذي يفصل بين الذين يعتقدون أن الإنسان تدفعه قوى في داخله، والذين يعتقدون أن الظروف الخارجية هي التي تفعل في الإنسان.
ملاحظات: (شرح لصور الموضوع في الموسوعة) من أشهر المؤلفات الفلسفية رواية (حي بن يقظان) للفيلسوف الأندلسي ابن طفيل. ينمو حيّ على جزيرة نائية دون أية صلة بالعالم الخارجي، ومع ذلك يكتشف معظم الحقائق الفلسفية والدينية التي لا يهتدي إليها العامة إلا بالتلقين. تمثل هذه الرواية إمكانية إدراك "المتوحد" (كما دعاه ابن باجه) أسمى المعارف عن طريق "الإتصال" بالعقل الفعال دون حاجة إلى تعليم... لكنها ترمز أيضاً إلى حقيقة وعي الذات لأول مرة عند الكائن الإنساني. إسم حي بن يقظان يدل على الحياة واليقظة، وعندما شق صدر الغزالة التي كان يرضع منها وهو طفل، اكتشف سبب موتها فيما بعد – خلال تدرجه في المعرفة – أن عنصر الحياة في الحيوان تقابله في الإنسان الذات الواعية التي لا تفنى بفناء الجسد.
البراءة التي يفترض أن تكون من أعظم هبات الطفولة، تقترن في ذهن الكثيرين بعدم المعرفة (وفي الفكر الفيكتوري بجهل الشؤون الجنسية) وعدم الإعتداد بالنفس وعدم المكر. لكن من الأصح إقرانها بمواقف وقيم أكثر إيجابية.
عندما يعتقد الناس أنهم مغرمون، يفقدون شعورهم بالعزلة الذي يأتي مع الوعي الفردي، فتتلاشى الحدود بين الشخصين المتحابين، ومع ذلك يبقى كل منهما يشعر بأنه شخص ذو فردية واستقلالية.
في قصة برج بابل عاقب الله الناس ببلبلة ألسنتهم. النطق هو، في آن واحد، مصدر قوي للتضامن الإجتماعي وتعبير عن الشخصية الفردية، إذ أن كل شخص ينطق بطريقة خاصة به وفريدة من نوعها.
يختلف الإنسان عن سائر الحيوانات بقدرته على تأمل ذاته والتعرف إلى انعكاس صورته في المرآة. في رأي بعض علماء النفس كان لاختراع مرايا زهيدة الثمن في القرن السابع عشر أثر عميق في إنماء الوعي، وذلك بجعل الإنسان مدركاً لذاته كشيء منظور.
إدراك الإنسان أنه فانٍ حمَله على خلق أشياء تذكّر به بعد موته. فأصحاب الثروة والقوة غالباً ما يبنون أقواس نصر أو قصوراً أو أهراماً أو مدناً يأملون من خلالها أن يظل ذكرهم حياً. إن تاج محل هو مثال لطلب الخلود، لكنه يشكل من ناحية واحدة خروجاً عن القاعدة. فهو لم يبن لتخليد ذكرى مشيّده شاه جاهان بل لتخليد ذكرى زوجته المفضلة ممتاز محل.
يستطيع الإنسان الآلي تقليد الأعمال البشرية، ويستطيع الدماغ الإلكتروني تقليد الأفكار البشرية. لكن الإنسان الآلي لا يستطيع أن يقرر من ذاته الأعمال التي يجب القيام بها. وعليه أن يطيع الشخص الذي يحركه. والدماغ الإلكتروني أيضا، بالرغم من قدرته السريعة على إنجاز عمليات رياضية لا ينجزها العقل البشري إلا ببطء، لا بد له من أن يضع تصميمه إنسان. كما أنه لا يستطيع "التفكير" إلا في المسائل التي يطلب منه "التفكير" فيها. وهو يختلف أيضاً عن الأشخاص في أنه يفتقر إلى الشعور بما يعمل. وفي أنه عاجز عن صنع نسخة عنه أو مثيل له. فالإنسان الآلي الذي يعقل ويشعر لا يوجد إلا في قصص العلوم الخيالية. | |
|