عند قراءة مصطلح "النضج الانفعالي" ترتسم بمخيلتنا صورة إنسان يقف بحزم قد تجاوز عمره مراحل الطفولة و المراهقه ، ربما بالعشرين أو الثلاثين أو الأربعين ، وهنا نثير نقطة المقارنة بين مفهوم "الرشد" و "النضج الانفعالي" ، الرشد هي مرحلة من مراحل نمو الإنسان وهي تعقب المراهقة وتسبق الشيخوخة ، ولها محكات عمرية وفقًا للزمان والمكان ، وحتمًا ينمو الإنسان ويمر بها في حياته .
بالمقابل النضج الانفعالي مفهومه أشبه بمنزلة يعتليها الإنسان حيث يولي اهتماما لتطوير نفسه ويعمل على ذلك ، فقد نرى سمات النضج الانفعالي على المراهق أو الراشد أو المسن .
من النضج الانفعالي ضبط النفس في مواقف تثير الانفعال بعيدًا عن التهور والاندفاع .
من النضج الانفعالي أن تصبح أكثر إدراكًا واستبصارًا بنفسك وبمستواك وقدراتك ، وأيضًا فهم لدوافع السلوك الإنساني ، وعلى هذا تكون متمكن في حسن اختيار الأصحاب .
من النضج الانفعالي تأجيل لذات عاجلة وتحمل شيء من الألم الوقتي من أجل لذات أخرى بعيدة ، فتتحمل المتاعب الحالية في سبيل مكاسب مستقبلية .
من النضج الانفعالي عندما تكون قادرًا على التعبير عن مشاعرك بصورة ناضجة بدون إثارة أي انفعال بعيدًا عن التعبيرات الطفولية .
من النضج الانفعالي أن تكون قادر على حل مشكلاتك واتخاذ قراراتك باستقلالية نسبية دون الاعتماد الكلي على الغير .
من النضج الانفعالي أن تكون قادر على معاملة الناس على أساس واقعي بحقائق تعرفها دون التأثر بما تصوره لك مشاعرك وانفعالاتك أو أوهامك عنهم .
من النضج الانفعالي تقبل الأدوار والمسؤوليات والاستعداد لتحملها .
فالنضج الإنفعالي هو الانتقال من التعبير الانفعالي الغير ناضج الطفولي الذي يتسم بالتهور والاندفاع والمبالغة وعدم ضبط النفس إلى التعبير الغير ضار المتزن والفعّال .
والانتقال من تفسير المواقف وفقًا لمشاعرك إلى تفسير المواقف بموضوعية واقعية .
والانتقال من الهروب من المشكلات والمسؤوليات أو تجاهلها إلى تقبلها والتعامل معها .
وكما تثبت الدراسات النفسية في هذا المجال ، فإن النضج الانفعالي هو الدعامة الكبرى للصحة النفسية ، وضعف النضج الإنفعالي معيق لعملية التوافق النفسي وتكامل الشخصية ومسبب للأمراض النفسية الجسمية والسلوكيات المضطربة .
فمن يستجيب لمشاعره ويتخذ قراراته بناء عليها ، و يتصرف بالمواقف وفقًا لمشاعره كالغضب والخوف والتوتر نرى أن الحال ينتهي به بفقدان الثقة بنفسه وبالآخرين .
فمعظم المشكلات التي تحدث بين أفراد المجتمع في هذا الوقت الراهن تعود إلى زيادة الانفعالات والتوتر بشكل يصعب السيطرة عليها والتحكم بها ، لذلك فإن النضج الانفعالي يتضح على الإنسان بقدر سيطرته على انفعالاته وأيضًا بالتعبير عنها بصورة متزنة ، يساعده ذلك على تكوين علاقات إيجابية فضلًا عن زيادة الثقة بنفسه وبطموحاته والشعور بالاستقلالية والاعتماد على نفسه والتوافق مع الآخرين .
فبقدر ما يكون سلوكك بعيدًا عن السلوك الانفعالي الذي يغلب عليه المشاعر ، يكون مستوى نضجك الانفعالي .
- See more at: [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]